Monday, February 13, 2012
سبع أرواح لسرحان البحيرى
مشهد 1: شقة مظلمة بينما يبدو ضوء النهار من الخارج واضحا، أكوام من أعقاب السسجائر، وفوضى كاملة تخيم على صالة المنزل، وسرحان نائما فى وضع جنينى على أريكة، التليفزيون مفتوح ونرى فيه ألسنة النيران تأكل مبنى الحزب الوطنى. يلتفت سرحان وينظر بعينين نصف مغمضتين، ويغلق التليفزيون.
مشهد 2: سرحان يفتش حافظته فى قلق، يخرج منها كارنيه الحزب الوطنى، يمزقه وهو يدخل الحمام، ويلقى بالقصاصات فى التواليت ويشد عليها المياه. ينظر إلى وجهه فى المرآة وقد نبتت لحيته قليلا.
مشهد 3: سرحان فى الشارع أمام منزله، يرتدى ترينينج سوت، يتفادى تحية البواب له، يذهب إلى سيارته المركونة، يحاول إزالة شارة الحزب الوطنى من على الزجاج بصعوبة لكن بإصرار. هناك فى الشارع مظاهر للجان الشعبية التى تغلق أبواب الطرق. شاب يقترب من سرحان ويحييه ويسأله عما يفعل، سرحان يتظاهر بأنه يحضر علبة سجائر من السيارة ويغلقها ويصعد مرة أخرى إلى شقته.
مشهد 4: سرحان يتحرك فى الشقة وحده كالأسد الجريح. يتصل بزوجته فى التليفون ونفهم من الحوار أنها تركت المنزل لأنه رفض أن يهرب من مصر فى الوقت المناسب. هو يدافع عن نفسه بأنه لم يرتكب جرما ليهرب، وأنه انضم للطرف القوى فى معادلة السياسة، فقط ليتمكن من الصعود الاجتماعى فى وظيفته الحكومية المهمة، وأن يحقق لها الثروة التى كانت تريدها, يغلق التليفون غاضبا، يفتح الثلاجة فيجدها فارغة، يصفق بابها بشدة.
مشهد 5: سرحان فى سيارة تاكسى، يسمع فى فتور كلمات السائق المتحمسة عن شباب التحرير، وكيف أن الفرجة على التليفزيون تصيب بالاكتئاب بينما التحرير ملىء بالتفاؤل. المرارة تعلو وجه سرحان.
مشهد 6: سرحان فى التحرير، يطوف بالناس (فوتومونتاج لنشاطات مختلفة من هذه الفترة)، يجلس على حافة الرصيف ويتفرج منعزلا، إلى جانبه شاب وشابة يتقاسمان شطائر الفول والطعمية، ينظر لهما فى حسد، يلاحظان ذلك فيعزمان عليه، هو يقول أنه "مالوش نفس"، يشجعانه ويؤكدان له أن الآتى أفضل ويجب ألا يشعر بالهزيمة، يأخذ منهما الشطيرة ويبدأ فى المضغ ببطء.
مشهد 7: سرحان يسير فى شوارع وسط المدينة شبه الخالية، من الواضح أن حظر التجول سوف يبدأ سريعا، يرى طفلة صغيرة تبكى، يحاول أن يتجنبها لكن صوت بكائها يثير فضوله، يقترب منها ويسألها، تقول أنها تاهت من أبيها الذى يذهب كل يوم إلى الميدان. سرحان حائر، يأخذها إلى قسم الشرطة فيجده مغلقا ومحترقا. لا يجد مفرا من أن يأخذها لمنزله.
مشهد 8: شقة سرحان، الطفلة نائمة على الأريكة فى الصالة وهو ينظر إليها فى حيرة. يحملها إلى غرفة النوم ويعود ليفتح التليفزيون حيث يستمر حريق مبنى الحزب الوطنى.
مشهد 9: فى الصباح، سرحان يحمل الطفلة ويذهب إلى ميدان التحرير، يطوف بالزحام كأنه يبحث عن أبيها، فجأة تنفلت الطفلة من بين يديه وتجرى فرحة وتختفى وسط مجموعة من الناس.هو يشعر بالمرارة لأنه عاد وحيدا منفصلا عن الناس مرة أخرى.
إظلام تدريجى.
عنوان على الشاشة: "بعد تسعة شهور".
مشهد 10: سرحان وقد طالت لحيته، يركب تاكسى، السائق يشكو من استمرار المظاهرات وتعطيل أعمال الناس، سرحان يحاول أن يدافع عن المتظاهرين لكن السائق يصر على رأيه، ويقول أن الإخوان المسلمين القادمين للحكم لديهم حل كل المشكلات، وأن على الشعب أن ينتظرهم بضع شهور كما انتظر ثلاثين عاما.
مشهد 11: سرحان فى شقته التى أصبحت مرتبة، زوجته عادت إليه وتنصحه بأن يبحث عن حل حتى يضمن صعوده المستمر فى الإدارة الحكومية التى يعمل بها حتى لا يضيع مجهوده في الماضى. تفرجه على مجموعة أغطية الرأس الملونة التى اشترتها لأنها قررت أن تتحجب. هو يستعرض الألوان بين يديه.
مشهد 12: فى الإدارة التى يعمل بها سرحان، فى السر يخرج مرآة صغيرة يرى فيها تقدم الزبية على جبهته، يدعكها لتزداد ظهورا، صوت الأذان يرتفع من تليفونه المحمول فيغلق الدفاتر يأخذ السجادة ليصلى فى ركن بينما المترددون ينتظرون أن ينتهى من الصلاة.
مشهد 13: سرحان فى مؤتمر للإخوان يصفق بحرارة للشخص الذى يخطب فى حماس صاخب.
مشهد 14: طابور الانتخاب، سرحان وسط الطابور مرتديا جلبابا أبيض، ينتهى من التصويت ويذهب لمجموعة العاملين فى الدعاية للإخوان ويأخذ مطبوعات ويبدأ فى توزيعها على الواقفين فى الطابور.
مشهد 14: فى سيارته، عليها الآن شعار حزب الإخوان، يشغل محطة القرآن بصوت عال جدا، زوجته إلى جانبه ترتدى حجابا فاقع الألوان. يرى الطفلة من المشهد (7) وهى تبكى فى الشارع، يتوقف بالسيارة، يفكر فى النزول لكن زوجته تستعجله. فى مرآة السيارة يرى جندى جيش يأخذ الطفلة ويمضى بها إلى حيث لا نعلم، بينما يعود إلى قيادة السيارة التى تحتفى وسط الزحام.
ليست نهاية، وإنما بداية حلقة جديدة من حلقات الثورة.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment