Saturday, January 21, 2012
خريطة التمثيل والممثلين في السينما المصرية (2 من 4) "السنِّيد": المرآة التي يرى فيها البطل نفسه!!
يخترع النقد الأمريكي أحيانا مصطلحات تبدو للوهلة الأولى غامضة، لأنه يستعين فيها بكلمات عامية، ففي عالم الأشكال الدرامية كالمسرح أو السينما أو التمثيليات التليفزيونية هناك شخصية يطلق عليها النقاد الأمريكيون "البطانة اللامعة"، أو "الرقاقة المعدنية"، وعبثا إن حاولت أن تجد لمثل هذه الكلمة أثرا في الدراسات الأكاديمية، برغم أنها تعني ببساطة ما نطلق عليه "السنيد"، وسبب التسمية الأمريكية هو أن هذه الشخصية – رجلا كانت أم امرأة – ترافق البطل أو البطلة، مهمتها ومعنى وجودها أنها تبرز ما يفكر فيه البطل أحيانا، أو أن يبدو السنيد ضعيفا فتتضح قوة البطل، أو أن يكون السنيد مترددا فتصبح شجاعة البطل بادية للعيان.
هناك العديد من التنويعات على هذه الشخصية طوال تاريخ الفنون الدرامية، بل إنها تصبح أهم في بعض اللحظات من العمل، ففي مسرحية شكسبير "روميو وجولييت" على سبيل المثال، يكون مصرع صديق البطل لحظة فارقة، إنه يلقي ضوءا قويا على عبثية الصراع بين العائلتين المتقاتلتين للحبيبين، وفي "الملك لير" يكون المهرج هو صوت العقل الذي ينبه الملك العجوز أنه يرتكب حماقة كبرى عندما يمنح مملكته لابنتيه وهو ما يزال حيا. وفي حالات أخرى يمكن للسنيد أن يكون هو القوة الحامية للبطل في الأزمات، أو الإنسان الذكي الذي يساعد البطل على فهم ما يحدث له.
اعتدنا للأسف في فنوننا الدرامية على عدم الاهتمام كثيرا بهذه الشخصية، برغم أنها المرآة التي يرى فيها البطل نفسه، ويساعدنا نحن أيضا على مزيد من وضوح الرؤية. ولعل مصدر هذا الموقف من صناع أعمالنا، وأفلامنا بشكل خاص، يأتي من الاهتمام شديد المبالغة بشخصيات الأبطال على حساب كل شيء آخر، سواء من حيث مساحة الدور أو حتى خصائص رسم الشخصية، وربما يعود ذلك إلى المفهوم السائد الخاطئ عن "البطولة" الفردية، التي تعمل وحدها كأنها في فراغ، تهبط فجأة علينا فنمنحها تفويضا كاملا بالتحكم في أمور حياتنا، وقليلا ما ننتبه إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك إنجاز حقيقي في أي مجال إلا بالاشتراك الجماعي في صنعه.
ومن الملاحظ في السينما المصرية أن ممثلي وممثلات دور السنيد كانوا في الأغلب يقبعون في الظل، متوارين إلى جوار البطل أو البطلة، برغم أنه في حالات كثيرة كانت تلك الشخصية الثانية هي التي تبقى في ذاكرة المتفرج، بفضل موهبة صاحبها وبريق حضوره. وإذا كانت السينما الأمريكية على سبيل المثال هي التي بدأت بصنع هذه "التوليفة" وقلدتها صناعات السينما الأخرى، فقد انتبهت منذ وقت مبكر لأهمية دور السنيد، وليس أدل على ذلك من أن جوائز "الأوسكار" تُمنح لأفضل ممثل مساعد وممثلة مساعدة, بل شهدت السنوات الأخيرة قيام ممثلين بارزين بأداء هذه الأدوار، مثل مورجان فريمان في فيلم "سبعة" إلى جانب براد بيت، أو أن النجم الساطع حاليا جورج كلوني ينتج ويخرج فيلم "تصبحون على خير وحظا سعيدا" فلا يحتكر دور البطولة لنفسه، بل يختار بمنتهى التواضع دور السنيد.
وإذا كانت السينما المصرية قد وُلدت في بداياتها الأولى من عالم المسرح، وشهدت بطولات يقوم بها ممثلون كوميديون مثل فوزي الجزايرلي أو على الكسار، فسرعان ما انتقل هؤلاء إلى دور السنيد، عندما حان الوقت لظهور "فتى الشاشة" على الطريقة الهوليودية، الوسيم الأنيق الرزين الذي لا يمكن أن يكون ذا نزعة ساخرة أو تهريجية. وهكذا ظهرت سلسلة طويلة من ممثلي دور السنيد الذين لا يتوقفون عن إلقاء النكات أو أداء الحركات التي تثير الضحك، حتى في أكثر اللحظات صعوبة، بما يسمونه في الدراما "عوامل تخفيف التوتر"، لعل الضحكة تجعل المتفرج أكثر قدرة على تحمل ثقل الأحداث وتعقيدها. ومن هؤلاء الممثلين نجد على سبيل المثال عبد الفتاح القصري بلهجته الشعبية وادعائه الزائف بالشجاعة، وحسن فايق بضحكته الساخرة التي تميز بها وبقدر من التصرفات الخرقاء، أو حتى شكوكو الذي يلقي النكات هنا وهناك، لكنه يمثل سببا لكي نسمع – نحن المتفرجين - ما يفكر فيه البطل، وأخيرا عبد السلام النابلسي أو عبد المنعم إبراهيم، اللذان يضع السيناريو على لسانيهما بعض الجمل التي تضيء لنا ما يجري من أحداث، أو تفتح طريقا للخروج من أزمة وصلت لها الدراما.
من بين هؤلاء الممثلين الكوميديين الذين تخصصوا في دور السنيد، لم يتح إلا لاسماعيل ياسين وحده أن يتحول إلى دور البطولة بل النجومية، على نحو لم يتح في أية فترة لاحقة إلا لعادل إمام. وربما كانت هناك صلة بين الحالتين، إن اسماعيل ياسين ظهر في الخمسينيات، حين حان ظهور البطل ذي الملامح العادية أو حتى التي تخلو من الوسامة، إنه يبحث له عن مكان تحت شمس الحياة، سلاحة هو طيبة قلبه. في الثمانينيات كانت هناك حاجة مماثلة لظهور بطل مشابه، لكنه يتسلح هذه المرة بقدر هائل من "الفهلوة"، يتناسب مع ما أصاب المجتمع من تعقيد، حيث أصبح المعيار هو ما يملك الإنسان من مال أو سلطة، ولم يعد هناك مكان لطيبي القلوب!
ومع صعود الطبقة الوسطى خلال الخمسينيات ثم الستينيات، كانت شاشة السينما مستعدة لظهور ممثلين جدد في أدوار السنيد، وهو هذه المرة ليس مهرجا خفيف الظل، كما أنه لا يقل عن بطل الفيلم وسامة، فكان عمر الحريري نموذجا لهذه الشخصية، ومن بعده صلاح ذو الفقار ورشدي أباظة وأحمد مظهر (الذين انتقلوا سريعا لأدوار البطولة). وفي الجانب النسائي لم يكن الحال مختلفا، فظهرت ممثلات مثل زهرة العلا، وسهير البابلي، وليلى طاهر.
بعدها دخل دور السنيد في أزمة، فمنذ السبعينيات وحتى اليوم هناك العديد من أجيال الممثلين الذين يقومون بهذا الدور، لكنها أجيال مظلومة بحق، إذ اقتصرت الأضواء على الأبطال والبطلات فقط، وربما كان الممثل أو الممثلة اللذان يقومان بهذا الدور لا يفكران إلا في اليوم الذي سوف ينتقلان فيه إلى أدوار أهم تقترب بهم من النجومية, وكان هذا في الحقيقة انعكاسا لمناخ اجتماعى يضع "الفرد" في مكانة أهم من "المجموع"، وباتت معايير النجاح تتجاوز الشروط الأخلاقية لتحقيقه.
سوف أذكر لك هنا بضع أسماء على سبيل المثال لا الحصر، وحاول أن تتذكرها: نبيل الحلفاوي، وصبري عبد المنعم، وعبد الله محمود، ووائل نور، وعماد رشاد، وخالد زكي، ومن بين الممثلات حنان سليمان، وناهد رشدي، وفايزة كمال، وإجلال زكي، وبثينة رشوان، وجيهان فاضل. إنهم جميعا لا يقلون موهبة عن آخرين صعدوا فجأة إلى النجومية، بينما انتهى الحال بهؤلاء إلى الظل في أغلب الأحوال. سأضرب لك مثالا على براعة بعضهم: دور نبيل الحلفاوي في فيلم محمد خان "سوبرماركت"، دور قصير لكنه بالغ الأهمية، لأنه الوجه الآخر والعملي لشخصية البطل الضائع في زحام الحياة، كذلك دور بثينة رشوان في فيلم رضوان الكاشف "ليه يابنفسج"، للفتاة الفقيرة التي تناضل عبثا من أجل تحقيق أمنيتها المتواضعة بأن تنال قلب محبوبها. ويمكنك أن تتخيل هذين الفيلمين بدون هذين الدورين، وسوف تكتشف أنهما سوف يفتقدان الكثير من التأثير الدرامي.
يعكس الوضع الحالي لأدوار السنيد ما وصلت إليه السينما المصرية من عشوائية كاملة، فإذا كان هناك ممثلون موهوبون مثل ماجد كدواني أو ياسر جلال، وممثلات موهوبات مثل كارولين خليل أو حورية فرغلي، يؤدون هذا الدور وهم يتمتعون بموهبة حقيقية، فقد فتح المنتجون أبوابهم أمام عشرات من الذين لا يمتلكون أية موهبة، مثل أمير شاهين أو تامر هجرس أو ساندي، فباتت الأفلام نوعا من "التسلية" بالمعنى السلبي للكلمة، ليس تسلية الحمهور والترفيه عنه، ولكن تسلية من يقومون بصنع الفيلم ذاته، وهكذا تخلت السينما المصرية عن أبسط أدوارها، حين تخلت عن ذلك الدور الذي يبدو بسيطا وإن كان مهما: دور السنيد.
Friday, January 20, 2012
خريطة التمثيل والممثلين في السينما المصرية (1 من 4) ممثلو الشخصيات الثابتة: أبطال حقيقيون لكنهم ليسوا أبطالا سينمائيين
مأساة السينما المصرية المعاصرة تتلخص في عبارة من كلمتين: "البطولة المطلقة"، ذلك المفهوم الزائف الذي انتشر كما النار في الهشيم، فكل الممثلين يسعون إلى العثور على أدوار البطولة التي تدور فقط حول الشخصية التي يجسدونها، خاصة إذا كانت تظهرهم في هالة من الشطارة و"الفهلوة" والوسامة، كأن هذا الفيلم أو ذاك بطاقة يقدمها الممثل لأهل عروس منتظرة، وليس عملا فنيا يحتوي على شخصيات لا علاقة لها بالملامح الأصلية للممثل، وإن كانت تعبر بالضرورة عن شخصيات في الواقع الفني الذي هو في التحليل الأخير انعكاس للواقع الحقيقي.
ينسى ممثلونا أو يتناسون أنه لا وجود لعمل درامي دون أن تكون هناك شخصيات عديدة، منها الرئيسي ومنها الثانوي، بل إن الشخصيات الثانية والثانوية هي الأرض التي تقف عليها الشخصيات الرئيسية، وبقدر صدق وبراعة الشخصيات الثانوية يكتسب الفيلم مصداقية لدى المتفرج. ويمكنك أن تدرك عمق الأزمة التي يعاني منها "فن" السينما في مصر الآن من ندرة الممثلين الذين يؤدون الأدوار الثانوية أو الثانية، حتى أصبح تكرار ظهور القلة منهم مدعاة للسخرية أحيانا (يمكنك مثلا أن تعد عدد الأفلام التي يظهر فيها الآن حسن حسني في دور الأب!)، على عكس الفترة الكلاسيكية لهذه السينما، التي كان فيها عبد الوارث عسر وحسين رياض وعشرات غيرهم يؤدون هذا الدور.
الأبطال الحقيقيون لأي فيلم هم هؤلاء الذين يؤدون ما يسمى "أدوار الشخصيات النمطية"، إن عليهم أن يجسدوا شخصية ثابتة فيلما بعد الآخر، ومع ذلك لابد أن يقدموا قدرا كبيرا من الصدق في هذا الأداء، وتلك هي الصعوبة الكبرى في عملهم. وفي السينما العالمية أصبح من الراسخ الاعتراف والتقدير لمثل هؤلاء الممثلين، الذين قد تفرض عليهم بعض العوامل أن يظلوا محصورين في دور واحد، فقد يكون السبب هو الملامح الجسمانية للممثل (خاصة أن السينما هي فن الصورة والسمات الظاهرة)، فقد يكون الممثل قصيرا أو بدينا أو عملاقا، أو قد يكون وجهه طفوليا بريئا أو ينم عن الشراسة، أو لعله يبدو عليه تقدم العمر برغم كونه صغيرا، كما أن صوته يحدّ أيضا من الأدوار التي يجسدها. وهناك حالات كثيرة كان السبب هو نجاح الممثل في دور بعينه، فأصبح ملتصقا به في معظم حياته الفنية، ولا يقلل ذلك أبدا من موهبته، والأمثلة لا تحصى من السينما الأمريكية، إن ستيف بوشيمي اشتهر بدور المجرم البليد المشاعر والغبي في بعض الأحيان، وبول جاماتي التصق بدور الرجل العاطفي الذي لا تنم ملامحه عن ذكاء متقد، وظل الممثل الشكسبيري المسرحي القدير جيمس إيرل جونز محصورا في أدوار القائد أو المدير الغامض، بسبب صوته الجهوري العميق، الذي أهله أيضا ليقوم بالأداء الصوتي في بعض أفلام التحريك.
لن يكون غريبا أن يجد هؤلاء الممثلون يوما فرصة لامعة لأداء مساحة أكبر من الأدوار، لأن السينما الأمريكية تقدم تنويعة كبيرة من الأفلام، وأصبح بوشيمي وجاماتي الآن من ممثلي الصف الأول أيضا. لكن الأمر يختلف في السينما المصرية، التي لم تعرف هذا التنوع في أنماطها السينمائية، وقد زاد الأمر صعوبة في الفترة الأخيرة، عندما لم يعد هناك إلا نمطان فيلميان هما "الأكشن" والكوميديا وحدهما. لكن تأملا لتاريخ السينما المصرية، حتى وقت قريب، يدل على وفرة هائلة في المواهب التي تقوم بأدوار الشخصيات الثابتة، وسوف نذكر الآن بعضا منها حتى ننعش ذاكرتنا.
ابحث مثلا عن شرير، فسوف تجد استيفان روستي شريرا له مسحة خاصة تكاد أن تقترب من الكوميديا، كما أن هناك علوية جميل كامرأة لا تتحدث إلا شرا! هل تريد فتوة؟ على الفور سوف يتبادر إلى الذهن فريد شوقي ومحمود المليجي (في المرحلة الأولى من حياتهما) وزكي رستم، أما شيخ الجامع فهو مثلا حسن البارودي أو محمد شوقي، والخادمة وداد حمدي، والنوبي علي الكسار، والأبله يبرع فيه عبد الغني قمر أو محمد توفيق، والأمي خفيف الظل عبد الفتاح القصري، والأم فردوس محمد، والشاويش رياض القصبجي، والصعيدي محمد التابعي وعبد الغني النجدي والسيد بدير، حتى أدوار ثقلاء الظل الذين يجسدون عبئا نفسيا على البطل أو البطلة فهناك صلاح نظمي في أدوار الرجال و لولا صدقي في أدوار النساء.
ربما بدا للوهلة الأولى أن هؤلاء وأمثالهم يعانون من سوء الحظ لانحصارهم في أدوار بعينها، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما من الناحية الحرفية، فممثل الشخصيات الثابتة قد يجد عملا في عشرة أفلام بينما لا يجد ممثل لأدوار أكبر فرصة إلا في فيلم أو اثنين، كما أن هناك ممثلين برعوا في العديد من الشخصيات الثابتة والمتنوعة أيضا إلى درجة التناقض أحيانا، مثل عدلي كاسب أو فاخر فاخر أو جميل راتب، الذين يمكنك أن تتخيلهم دون عناء في أدوار الأشرار أو الأخيار. الحال اليوم أصبح للأسف الشديد مختلفا تماما، وربما انقلب أيضا على نحو مثير للدهشة، فقد انتقلت الأدوار النمطية إلى من يسمون أنفسهم باسم "النجوم"!!
منذ عقدين أو ثلاثة، لم يكن أحد يتصور أن يصبح الشخص المتخلف عقليا شخصية رئيسية في العديد من الأفلام، وربما يكمن تفسير ذلك في السياق الاجتماعي الذي يعيش فيه الغبي مرتاحا لأنه متسق مع الظروف (!!)، وهكذا ظهرت شخصية لمبي مثلا في فيلم "الناظر"، لتنال استحسان الجمهور، ويمسك محمد سعد بتلابيبها ولا يفلتها من بين يديه أبدا، ويقدم عليها تنويعات عديدة. وبالمثل تبدو شخصية الأم كما أدتها عبلة كامل، تتسم بالفظاظة ولا علاقة لها بالحنان الذي كان من الملامح التقليدية للأم، لتصبح بطلة في "خالتي فرنسا" وغيرها. وينجح "قرموطي" أحمد آدم في مسلسل إعلاني يدعى "سر الأرض" تنتجه وزارة الزراعة، فيصبح بطلا في فيلم "معلهش إحنا بنتبهدل"، ويشتهر أحمد مكي في مسلسل "تامر وشوقية" بشخصية شاب مستهتر، ذي شعر منفوش، اسمه "إتش دبور"، فيصنع له فيلما بهذا الاسم، كما ينقله إلى فيلم "مرجان أحمد مرجان"، ولأن أحمد مكي بارع في صنع هذه الشخصيات ذات الملامح الخاصة، تراه يستعيرها في أفلامه مثل شخصية "الكبير قوي" أو "حزلقوم"!!
الغريب أن تمتد هذه المحاولات إلى شخصيات لا يمكن وصفها إلا بأنها عابرة، مثل وديع وتهامي بطلي إعلانات إحدى الفضائيات التي صنعت لهما فيلما هذا العام طواه النسيان سريعا، ويقال أن في الطريق إلينا شخصيتين معتوهتين اسمهما شبرو وبكرو ظهرا في مسلسل "شارع عبد العزيز"، وفي الأغلب لن يكون لهما الكثير من الحظ. إن ذلك ليس نوعا من التنبؤ، بل إنه التوقع المبني على أبجديات الفن والدراما، فقد تصور صناع الأفلام المصرية وتجارها في الفترة الأخيرة أنه كلما زادت غرابة الشخصية الثابتة (إلى درجة إثارة النفور أحيانا)، ازداد إعجاب الجمهور بها. وهذا المفهوم يعتمد على اعتبار أن السينما أقرب إلى فنون "الفرجة" بالمعنى السلبي للكلمة، مثل السيرك أو صندوق الدنيا. لكن الحقيقة غير ذلك، فالسينما في جوهرها تعتمد على الدراما، في رسم الشخصيات أو بناء الحبكة، وليس الشخصيات بالغة الغرابة.
إن أجمل ما في السينما هو أننا نرى في الأضواء والظلال على الشاشة جزءا من واقعنا، وجزءا من حلمنا، وهذا ما ابتعدت عنه السينما المصرية في الآونة الأخيرة، وهو ما ينعكس أيضا على خريطة التمثيل والممثلين بها، وإذا كان هذا هو حال ممثل الشخصيات الثانوية الآن، فذلك هو مصير باقي أجزاء الخريطة، لا فرق بين "السنيد" أو النجوم والنجمات، فحتى فتيان الشاشة وفتياتها لن يفلتوا من نفس المصير!!
Subscribe to:
Posts (Atom)