Monday, January 10, 2011
البحث عن المسيح المصرى
لست أنسى تلك اللحظة من المرارة واليأس التى مرت بى، عندما استولى على روحى وعقلى شعور بأن تلك هى نهاية الطريق، إذ كلما نظرت حولى فى وسائل الإعلام أو على صفحات الجرائد لم أجد إلا حالة من الفوضى الهائلة والعبث الكامل، كأننا ندور فى دوامة لكننا لا ندرى أن بعدها الطوفان والغرق .... أدرت مؤشر المذياع إلى جوارى فى ملل أبحث عن أى ضجيج يملأ هذا الفراغ الذى يحيط بى ويتسلل إلى داخلى، وتوقفت بالمؤشر عند موسيقى غامضة أثارت فضولى، فلا هى شرقية ولا غربية، أتلمس فيها أحيانا بعضا من "سلطنة" محمد عثمان وزكريا أحمد، وكلاسيكية الموسيقى التركية القديمة، ولمحات من شجن همهمات المتصوفين، وآهات وكلمات لا أعرفها لكنى أشعر أنها صادرة من أعماق قلبى، محتشدة بذلك الشعور الذى يمزج بين السعادة والأسى، فإذا بى أدرك فجأة أن هناك المزيد من الجمال لكى أكتشفه فى هذا الوطن الذى يبدو كأنه يحتضر لكن به قوة هائلة ترفض أن تموت وتأبى إلا أن تحيا، وكان السبب وراء ذلك الشعور المتفائل هو الموسيقى التى وصلت إلى سمعى على غير موعد، وحين ترقبت لحظة معرفة كنهها جاء الخبر كمفاجأة أعرفها للمرة الأولى ولم أحسب لها حسابا : لقد كانت موسيقى لفرقة ديفيد بقيادة جورج كيرلس.
كانت إذن موسيقى "قبطية"، مصدر الجدة فيها أنها عزفت على آلات التخت كما نعرفها فى موسيقانا الشرقية : العود والقانون والكمنجة والناى، وليس فقط على نغمات الصنج المعتادة فى ألحان وتراتيل الكنائس، كما كانت أصوات المغنين تصدر من نفس أوتار الحنجرة وأركان القفص الصدرى التى غنى بها سيد درويش موشح "ياشادى الألحان"، ولا أخفى على القارئ أننى اكتشفت ساعتها أن بعضا من ألحان سيد درويش الشهيرة مثل "الحلوة دى قامت" أو "سالمة ياسلامة" فيها بعض لمحات تأثير قبطى عميق، وقلت لنفسى : "ياه !! أإلى هذا الحد المبهر استطاعت الثقافة المصرية ـ بتلقائية شديدة ودون أدنى تعسف ـ أن تكون بوتقة انصهرت فيها تيارات متعددة عبر التاريخ، لتشكل سبيكة متفردة يكاد أن يصعب عليك فيها أن تميز بين تراتيل الكنيسة وأناشيد المتصوفين؟!". ومن يتشكك فى هذا أرجو أن يحاول الاستماع إلى بعض التواشيح الدينية للشيخ على محمود صاحب الصوت الأوبرالى الفريد.
يقول المثل المصرى : "إيش لم الشامى على المغربى"، والإجابة هى "مصر"، التى جاءتها كليوباترا اليونانية فأصبحت مصرية، وحكمها الأكراد والمماليك وغيرهم فأصبحوا وأبناؤهم مصريين خالصين، مصر البلد الوحيدة التى يحتفل فيها القبطى والمسلم بذكرى أربعين الموتى، مصر التى أخذت من الفاطميين احتفالاتهم الدنيوية وتركت لهم كل تزمت دينى، مصر التى إذا مرت جنازة قبطى أو مسلم رفع الجميع سباباتهم للسماء، مصر وحدها التى يحتفل فيها كل أبنائها بعيد شم النسيم، ينبتون الحلبة والترمس فإذا بالحبة النيئة الجافة تدب فيها الحياة، فى اليوم التالى لعيد قيامة السيد المسيح من الأموات، وكأن العيد المصرى الخالص ـ وهو كذلك بالفعل ـ يعيد الطقس الدينى إلى أصله منذ أعياد أوزوريس فى الاحتفال والاحتفاء بعودة الطبيعة ذاتها من موات الشتاء إلى حياة الربيع، وهى العودة التى يتمسك بها المصريون مهما اسودت أمامهم دروب الحياة لأنها الأمل والدليل على أن من الممكن لهذه الأمة دائما أن "تبعث من جديد".
كيف يمكن لهذه الثقافة الفريدة والمقاومة للموت أن تواجه التعنت الذى نشهده اليوم من "رجال" الدين الإسلامى والمسيحى على السواء؟ ونحن نؤكد على أنهم "رجال" ولا يمكن أن يكونوا "الدين"، هؤلاء الذين اجتمعت آراؤهم على الوقوف فى وجه مشروع أى عمل فنى عن الأنبياء، لأن بعضهم يقولون أن من "المحرم" تمثيل الأنبياء والرسل وحتى الصحابة، والحقيقة أن تلك ليست الأسباب الحقيقية وراء "المنع"، فالسبب هو أن هؤلاء "الرجال" يريدون أن يحتكروا لأنفسهم تلك الشخصيات الدينية، فلا يسمحون لغيرهم أن يتناولوها بوجهة نظر جديدة "خارج المؤسسة"، وليس ببعيد عنا كيف أن كتاب عبد الرحمن الشرقاوى "محمد رسول الحرية" يكاد أن يواجه التجاهل رغم أهميته، وكيف مُنعت مسرحيتاه "ثأر الله" من السبعينات حنى اليوم لأنهما تتحدثان عن "الحسين ثائرا" و"الحسين شهيدا"، وفيهما أوجه تشابه كثيرة مع رحلة السيد المسيح إلى الصليب، فكلاهما ـ الحسين والمسيح ـ ثائر ضد الظلم فى هذا العالم، وحمل قلبه على كفه لكى يوصل رسالته، وسار إلى قدره الذى يعنى عند الظالمين موت الثورى، وهم لا يدركون أن ذلك بعينه يعنى ولادة الثورة وحياتها الأبدية.
منذ عدة أعوام أقدم ميل جيبسون على إنتاج فيلمه "الآلام" عن الساعات الأخيرة من حياة المسيح وصلبه، وواجه الفيلم انتقادات حادة من اليمين واليسار على السواء، لأن الفيلم تجاهل رسالة التسامح والعدالة والثورة التى جاء بها المسيح ليركز الفيلم على بث روح "الانتقام" الذى سوف يستقر لا محالة فى نفوس المتفرجين، ومع ذلك فإن أحدا لم يقف فى طريق صنع الفيلم. وهانحن اليوم، فى زمن تعود فيه فتوى تحريم "التماثيل" دون أن يتحدث من يفتى عن "التمثيل" بالمواطنين وتعذيبهم معنويا وجسديا فى ظل ظلم اجتماعى جائر وفادح وفاضح، هانحن مازلنا نمنع عرض مسرحيتى "ثأر الله"، ونقف فى وجه صنع فيلم مصرى عن المسيح، برغم أن الحسين والمسيح لنا جميعا ولا يملك أحد أن يفرض نفسه مالكا وحيدا وحصريا لهما أو لغيرهما. إن هؤلاء الذين يمثلون الدين "الرسمى" يستدعون إلى ذاكرتى دائما قصة أعيد تكرارها هنا، رواها مؤرخ الفن التشكيلى الأكبر جومبريتش، وأطلق عليها اسم "الفضيحة"، عن تكليف الكنيسة الكاثوليكية الفنان كارافاجو (1573-1610) بصنع لوحة عن القديس "متّى" وهو يكتب نسخته من الإنجيل، فقام الفنان بتصويره فى هيئة رجل عجوز فقير يكتب السطور بيده المعروقة وكأنه يناضل من أجل البحث عن الكلمات، لكن رجال الكنيسة رفضوا اللوحة لزعمهم أنها تقلل من قداسة "متّى"، وأجبروا الفنان على صنع لوحة أخرى يلتزم فيها بالتقاليد التى يجب أن يظهر فيها القديسون فى أبهى صورة، بينما يتلقون الوحى من الملائكة ويكتبون دون أى أثر من عناء.
لقد أراد كارافاجو أن يتوجه بعمله للبسطاء، بينما أراد "رجال" الدين الاحتفاظ بالأنبياء والقديسين محاصرين ومحصورين داخل جدران المعابد، ربما لأنهم لا يريدون أن تكون "أعمال الرسل" نموذجا يمنح البسطاء القدرة على المقاومة والرفض والتمرد والثورة، على نحو ما صنع بازولينى فى فيلمه "الإنجيل طبقا لرواية متى" (1966) الذى كان يحكى عن مسيح للفقراء يلقى عليهم تعاليمه التى تسعى لإرساء مبادئ المساواة والعدالة على الأرض. ولقد تحدث بيرنارد شو طويلا فى مقدمة مسرحيته "أندروكليز والأسد" عن رسالة المسيح الثورية التى تحولت بعده إلى مجموعة من التعاليم التى يمكن بها للسلطة الدينية ـ كما حدث بالفعل فى أوربا ـ أن تستخدمها لتكريس الوضع السائد للسلطة السياسية والاقتصادية. كما تحفل روايات كازانتزاكيس برجال دين ثوريين يقفون فى وجه رجال دين رجعيين، وهو الأمر الذى يحدث فى كل زمان ومكان فى سياق التاريخ البشرى، والمهم هو الاختيار بين هذا المعسكر أو ذاك، مثلما اختار رجال الدين فى إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية الوقوف مع الشيوعيين صفا واحدا لمقاومة الاحتلال النازى، كما أصبح "لاهوت التحرير" هو إنجيل الثوريين فى أمريكا اللاتينية. إن المسيح أو الحسين أو أى رمز دينى آخر لم يبقوا فى وجداننا بكل هذا العمق لأن رجال الدين فرضوهم علينا، ولكن لأنهم يضربون لنا المثل فى القدرة على مقاومة الموت بكل أشكاله. وأرجو أن تتأمل كلمات كازانتزاكيس : "لكى يصعد المسيح إلى الصليب، ونحو ذروة التضحية والفداء .... عبر المسيح كل المراحل التى يعبرها الإنسان فى نضاله، وهذا هو السبب فى أن آلامه تبدو مألوفة لنا، ولهذا فإننا نتقاسمها معه، ويبدو انتصاره النهائى وكأنه بشير لانتصارنا فى المستقبل..". وكم نتوق بعد كل هذه الآلام التى نعانيها للانتصار، والقيام من هذا الموت الذى فرضوه علينا، لكننا لن نموت مادام هناك فن حقيقى يبعث الحياة فى كل رموزنا للمقاومة، ويؤكد أن بداخل أعماقنا ذلك الرحيق من العذوبة والأسى الذى منحته لى موسيقى فرقة ديفيد القبطية المصرية العربية الشرقية...نعم، نحن أحياء، لأننا أقباطا ومصريين نؤمن بأن "الله حى".
Sunday, January 09, 2011
مجانين الإعلانات فى نعيم
لا شك أننا نعيش فى عصر الإعلان الذى يحاصرنا فى كل مكان، فلا تكاد تدير مفتاح التليفزيون أو تضغط على الريموت كونترول حتى تنهال عليك الإعلانات التى ابتلعت البرامج بداخلها وشفطت معها حياتك، تماما كما حدث فى فيلم كوميدى إيطالى للممثل والمؤلف والمخرج ماوريتسيو نيكيتى يحمل عنوان "سارقو النجفات"، يبدو فى ظاهره تنويعا ساخرا على فيلم دى سيكا الشهير "سارقو الدراجات"، لكنه فى أعماقه يحمل سخرية مريرة من عصرنا الاستهلاكى الذى لم تعد فيه سرقة دراجة تتم بدافع الجوع ولقمة العيش، وإنما لأن الإعلان خلق لدينا احتياجا زائفا لأشياء قد يمكننا أن نعيش بدونها، بل من المؤكد أننا سوف نعيش على نحو أفضل بدونها، ولكن ماذا يفعل بطل الفيلم وقد وجد نفسه مبتلعا ـ بالمعنى الحرفى للكلمة ـ داخل جهاز تليفزيون يقوده مثل "أليس فى بلاد العجائب" إلى عالم ملون بديل عن عالمه الحقيقى؟
تبدو الإعلانات دائما كالأحلام، وهو ما يتضمن أن حياتنا الحقيقية ينقصها شئ ما، لكن دور الإعلانات الاستهلاكية أنها لا تخبرك أبدا بالأشياء الحقيقية التى تنقص حياتنا لكى تصبح حياة جديرة بأن نحياها، وإنما تشتت انتباهك وتحكى لك عن أشياء زائفة وتعدك بحياة افتراضية هى فى الحقيقة "يوتوبيا" مشوهة. فلنبدأ من نقطة الصفر : يقول لك الإعلان أن تلفزيونك لا يعرض لك الألوان المبهجة لهذه اليوتوبيا، ويقترح عليك أن تشترى ـ الآن وفورا ـ تليفزيونا من الماركة "الفلانية"، ولكى يؤكد لك صدق كلامه فإنه يعرض عليك شاشتين إحداهما ذات ألوان باهتة والأخرى زاهية الألوان، وربما أدركت بفطنتك الخدعة وقلت لنفسك : "إذا كان تليفزيونى قد عرض بالفعل الألوان الزاهية فما حاجتى لتليفزيون آخر؟"، وهنا سوف يلاحقك إعلان آخر تظهر فيه الممثلة الفاتنة، تلتقطك أنت بالذات من بين ملايين المشاهدين وتدعوك أن تقترب بإشارة من إصبعها وابتسامة ونظرة تعيد الشيخ إلى صباه، وعندما تلبى إشارتها ممنيا النفس بالقرب فسوف تفاجأ بأنها ليست إلا شاشة تليفزيون ماركة "اللى بالى بالك"، فهو كما يقول الإعلان "حقيقى أكثر من اللازم"!
آه من "أكثر من اللازم هذه"، وياليت أصحاب هذه الإعلانات والسلع يعرفون أنها بالفعل أكثر من اللازم فى مجتمع يعانى من أزمات عميقة فادحة، وتعيش فيه الأغلبية تحت خط الفقر حيث يجدون بالكاد قوت يومهم، ويمضون لياليهم فى قلق من الغد، حيث لا توجد ضمانات لحقوق إنسانية بسيطة كالعلاج والمسكن، لكن لا تقلق فمبدأ الإعلانات هو "اللى ما يشترى يتفرج"، والإعلان سوف يسألك لماذا لا تنضم للألف أسرة فى "نعيم لاند" حيث حمامات السباحة والجولف؟ وصحيح : لماذا لا تفعل فتصبح هناك ألف أسرة وواحدة فى النعيم ولتذهب الأسر الباقية من المصريين إلى "جحيم لاند"؟ وإذا زنقت معك خالص فإن هناك إعلانا يؤكد لك أنه "لو اتصلت بنمرة كذا ممكن تكسب شقة"، مع الاعتذار لوزارة الإسكان لأنها لا تملك هذه النمر السحرية لآنها مشغولة فى "نمر" أخرى، أما إذا انشغل بالك بقلقك على صحتك فلتضع فى بطنك بطيخة صيفى لأن هناك من يجمع التبرعات ويستجدى المحسنين أن "يتصلوا الآن" من أجل مشروعات غامضة لعلاجك.
هل أنت طماع ياأخى ولدينا كل أرقام هذه التليفونات التى تغنيك عن مطالبة الدولة بحقوقك أو عن سؤال اللئيم؟ فكل شئ فى حياتنا الآن مرهون بذلك القمار التليفونى الذى من حقنا أن نشك فى النوايا وراء إثارته وتكريسه على هذا النحو، وتأكيد قيم البلادة والشعور بأننا لا نعيش فى وطن وإنما فى ناد للقمار حيث الركون للحظ الأعمى بالإجابة عن أسئلة بلهاء، ناهيك عن الشك فى مشروعية هذه النشاطات التى تذكرك بمؤامرة شركات توظيف الأموال التى ماتزال حتى اليوم تنتظر من يكشف عن التحالفات الغامضة وراء إنشائها وذيوعها، ومن المؤلم أن الشعب المصرى مايزال يتعرض للنصب فى كل المجالات مرة بعد أخرى لننسى سريعا ونصبح ضحايا عملية نصب جديدة، لكن على كل حال فإن العملية هذه المرة لا تحتاج لإنشاء مقر للشركة المزعومة وموظفين وأوراق وحسابات وإكسسوارات وكومبارسات، فكل الحكاية رقم تليفون،و نرجو من شركة الاتصالات الحكومية أن تدلنا على قانونية بيعها لهذه الأرقام التى تستخدم لنشاطات وهمية، لكننا نعرف مسبقا أن الشركة لن ترد ربما لآن تليفوناتها مرفوعة من الخدمة!
هناك فى الحقيقة جانب آخر من القضية، وهو أن قطاعا كبيرا من الاقتصاد المصرى قد توجه أخيرا ـ وبرعاية حكومتنا الرشيدة ـ إلى نشاطات ليست لها علاقة من قريب أو بعيد بالانتاج أو معدلات التنمية التى صدعوا أدمغتنا بها، ولكن إلى نشاطات خدمية تدر أرباحا هائلة من خلال رأسمال محدود، وتأتى التليفونات المحمولة على رأس هذه النشاطات، ولتتأمل الإعلان الذى يصور كل فئات الشعب المصرى وقد خرجت من رأسه ـ بالمعنى الحرفى للكلمة ـ إشارة الإرسال، وإذا صرفت النظر عن الأخطار الصحية الناجمة عن إشارة رأسك، فإن هذا يعنى ترسيخ مفهوم "الاتصال بدلا من التواصل"، ناهيك عن هول الأرقام التى تترجم مكاسب هذه الشركات، فهل فكر أحد الاقتصاديين فى دراسة دورة رأس المال فى الهواتف المحمولة ويقارنها ـ مثلا ـ بتلك التى فى صناعة الدواء؟
تقول لك الإعلانات ألا تشغل بالك كثيرا بمثل هذه الهموم، فالقمح الأمريكى ـ وعلى علبته ألوان ونجوم العلم الأمريكى ـ بديل عن القمح المصرى المأسوف على تاريخه الممتد لآلاف السنين، وشركات "الطعام النفايات" ـ كما يسميها الأمريكيون أنفسهم ـ ترعى الأيتام وتأخذ بالها منهم، والسينما الأمريكية تطل برأسها فى الإعلانات فى كادرات ولقطات مسروقة بالمسطرة من أفلام مثل "المرأة القط" و "مدينة الخطيئة"، ونجوم السينما المصرية أحمد ( السقا وعز وعيد ) سوف يدعونك لقرقشة البطاطس المقلية وشرب الحاجة الساقعة، أما المغنية الفلانية فيكفى أن تجلس براحتها أمام الكاميرا وتمص المشروب بينما تصدر أصوات فحيح الانبساط. وإن كنت تسأل من أين تأتى بالمال الذى يسهل لك شراء كل هذه السلع فهناك إعلان يبشرك أن "الملايين ـ الأرانب ـ هاتجرى وراك بعشرة جنيه بس يامؤمن"، ولا داعى لخوفك من الضرائب فى إعلان لا ندرى كم تكلف وإلى من يتم توجيهه وماهى المكاسب التى تحققت منه، بينما يتعرض المواطن المصرى الغلبان لكل أنواع الضرائب منذ لحظة ميلاده حتى مماته. وإذا كنت مثلى تدعو إلى التغيير فهناك إعلان يؤكد لك أن التغيير قد تم فعلا لأن "طعم السمنة إتغير"!! لعلك تفكر الآن ساخطا فى أن تسأل هؤلاء الإعلانيين :"كل هذه الإعلانات وتريدون أن تدخلوا الجنة؟"، لكنهم مظلومون معنا لأنهم جعلونا نعيش فى جنة بالفعل عندما طيروا البرجين الفاضلين فى رؤوسنا، وحولونا إلى مجانين، والمجانين ـ كما تعلم ـ فى نعيم!
Subscribe to:
Posts (Atom)