Saturday, May 28, 2011

قل تجار السينما، ولا تقل صناع السينما!!


غريب والله أمر من يعملون بصناعة السينما فى مصر، فهم تارة يلعنون تدخل الدولة باعتباره رجسا من عمل الشيطان، وتارة أخرى يصرخون مطالبين الدولة بالتدخل لإنقاذهم من هذه الأزمة أو تلك.
بالطبع فإنك لا تستطيع أن تفصل ذلك عن مواقف الرأسمالية المصرية من الدولة بشكل عام، ولا عن وعى هذه الرأسمالية المصرية بدورها تجاه المجتمع. فصناع السينما يريدون من الدولة مثلا أن تصوغ لهم قانونا يعفى من الضرائب من يكون رأسماله أكثر من مائتى مليون جنيه، وليذهب المنتج الصغير إلى الجحيم، كما حدث فى قانون ساويريس الشهير، لكنهم لا يريدون منها التدخل لوقف الاحتكار، الذى هو السبب الرئيسى فى أزمتها المزمنة، وإذا كانت أمريكا بجلالة قدرها تمنع السيطرة على الإنتاج والتوزيع والعرض فى وقت واحد، فإن صناع السينما فى مصر يمارسون هذا الاحتكار بدم بارد، ومع سبق الإصرار والترصد، ولا ينوون الإقلاع عنه.
إن شئت الحقيقة فالعيب ليس عيبهم، وإنما عيب الدولة التى لا تقوم حقا بدور الدولة، وإنما "تمثل" هذا الدور، وبالتعبير المصرى فإنها دولة "لابسة مزيكا"، وهى تعمل منذ أربعة عقود الآن لدى هذه الرأسمالية، تصدر القوانين على المقاس لصالحها، وللأسف فإنها تكون أحيانا لتلبية مصالح ضيقة لا تخدم الصناعة ذاتها، وإنما تلبى طلبات تجار يريدون تحقيق الربح بطريقة "اكسب واجرِ"، وأرجوك قل لى أين ذهب ساويريس مثلا من صناعة السينما بعد أن حقق المراد، أو أين يختفى كامل أبو على الذى كان يخطط منذ خمسة شهور فقط للاستيلاء على السينما المصرية، لولا قيام ثورة يناير التى قلبت الموازين، مؤقتا على الأقل؟
وإذا كان هناك من بداية للحل، فهو فى أيدى الدولة، بشرط أن تكون دولة بجد، يعرف رجالها دورهم الحقيقى، ويذاكرون كيف تقوم الدول بتنظيم مثل هذه الصناعات المهمة، ويمكن أن نرسل بعثة للبرازيل مثلا لكى نعرف منهم كيف تغلبوا على أزمة طاحنة فى السينما، كانت فيها البرازيل منذ عقد واحد لا تنتج سوى فيلمين فى العام، وأصبح إنتاجها الآن بالمئات. لا نطلب منكم أيها المسئولون أن تخترعوا العجلة من جديد، فقط عليكم أن تقوموا بدوركم، وأن تؤمنوا حقا بهذا الدور، من أجل أن تعيش صناعة السينما المصرية، وليس من أجل أن يكسب تجار الشنطة الذين لا يعرفون شيئا عن الصناعة، ويتوقفون فيها دائما عند دور السماسرة.

No comments: